فصل: وفاة طغرل واستيلاء السلطان مسعود.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.المدد من بغداد فلقي دبيس وهزمه ثم تخلص بعد الجهد وقصد واسط وأطاعه عسكرها إلى أن خلت سنة سبع وعشرين فجاءهم إقبال وبرتقش باردار وزحفوا في العساكر برا وبحرا فانهزمت أهل واسط ولما استقر طغرل بالسلطنة وعاد عمه سنجر إلى خراسان لخلاف أحمد خان صاحب ما وراء النهر عليه وكان داود ببلاد أذربيجان وكنجة فانتقض وجمع العساكر وسار إلى همذان وبرز إليه طغرل وفي ميمنته ابن برسق وفي ميسرته كزل وفي مقدمته أقسنقر وسار إليه داود في ميمنته برتقش الزكوي والتقيا في رمضان سنة ست وعشرين فأمسك برتقش عن القتال واستراب التركمان منه فنهبوا خيمته واضطرب عسكر داود لذلك فهرب أتابكه أقسنقر الأحمديلي واستمرت الهزيمة عليهم وأسر برتقش الزكوي ومضى داود ثم قدم بغداد ومعه أتابكه أقسنقر الأحمديلي فأنزله الخليفة بدار السلطان وأكرمه ولما بلغ السلطان مسعودا هزيمة داود ووصوله إلى بغداد قدم إليها وخرج داود لتلقيه وترجل له عن فرسه ونزل مسعود بدار السلطنة في صفر سنة سبع وعشرين وخطب له على منابر بغداد ولداود بعده واتفقا مع المسترشد بالسير إلى أذبيجان وأن يمدهما وسارا لذلك وملك مسعود سائر بلاد أذربيجان وحاصر جماعة من الأمراء بأردبيل ثم هزمهم وقتل منهم وسار إلى همذان وبرز أخو طغرل للقائه فانهزم واستولى مسعود على همذان وقتل أقسنقر قتله الباطنية ويقال بدسيسة السلطان محمود ولما انهزم طغرل قصد الري وبلغ قم ثم عاد إلى أصبهان ليمتنع بها وسار أخوه مسعود للحصار فارتاب طغرل بأهل أصبهان وسار إلى بلاد فارس فاتبعه مسعود واستأمن إليه بعض أمراء طغرل فارتاب بالباقين وانهزم إلى الري في رمضان من سنته واتبعه مسعود فلحقه بالري وقاتله فانهزم طغرل وأسر جماعة من أمرائه وعاد مسعود إلى همذان ظافرا وعندما قصد طغرل الري من فارس قتل في طريقه وزيره أبا القاسم النشاباذي في شوال من سنته لموجدة وجدها عليه.

مسير المسترشد لحصار الموصل.
لما انهزم عماد الدين زنكي أمام المسترشد كما قلنا لحق بالموصل وشغل سلاطين السلجوقية في همذان بالخلف الواقع بينهم وجماعة من أمراء السلجوقية إلى بغداد فرارا من الفتنة فقوي بهم المسترشد وبعث إلى عماد الدين زنكي بعض شيوخ الصوفية من حضرته فأغلظ له في الموعظة فأهانه زنكي وحبسه فاعتزم المسترشد على حصار الموصل وبعث بذلك إلى السلطان مسعود وسار من بغداد منتصف شعبان سنة سبع وعشرين في ثلاثين ألف مقاتل ولما قارب الموصل فارقها زنكي ونزل بها نائبه نصير الدين حقر ولحق بسنجر وأقام يقطع المدد والميرة عن عسكر المسترشد حتى ضاقت بهم الأمور وحاصرها المسترشد ثلاثة أشهر فامتنعت عليه ورحل عائدا إلى بغداد فوصل يوم عرفة من سننه يقال إن مطرا الخادم جاء من عسكر السلطان مسعود لأنه قاصد العراق فارتحل لذلك.

.مصاف طغرل ومسعود وانهزام مسعود.

ولما عاد مسعود إلى همذان بعد انهزام أخيه طغرل بلغه انتقاض داود ابن أخيه محمود بأذربيجان فسار إليه وحصره ببعض قلاعها فخالفه طغرل إلى بلاد الجبل واجتمعت عليه العساكر ففتح كثيرا من البلاد وقصد مسعودا وانتهى إلى قزوين فسار مسعود للقائه وهرب من عسكره جماعة كان طغرل قد داخلهم واستمالهم فولى مسعود منهزما آخر رمضان سنة ثمان وعشرين واستأذن المسترشد في دخول بغداد وكان نائبه بأصبهان البقش السلامي ومعه أخوه سلجوق شاه فلما بلغهم خبر الهزيمة لحقوا ببغداد ونزل سلجوق بدار السلطان وبعث إليه الخليفة بعشرة آلاف دينار ثم قدم مسعود بعدهم ولقي في طريقه شدة وأصحابه بين راجلين وركاب فبعث إليهم المسترشد بالمقام والخيام والأموال والثياب والآلات وقرب إليهم المنازل ونزل مسعود بدار السلطنة ببغداد منتصف شوال سنة ثمان وأقام طغرل بهمذان.

.وفاة طغرل واستيلاء السلطان مسعود.

ولما وصل مسعود إلى بغداد أكرمه المسترشد ووعده بالمسير معه لقتال أخيه طغرل وأزاح علل عسكره واستحثه لذلك وكان جماعة من أمراء السلجوقية قد ضجروا من الفتنة ولحقوا بالمسترشد فساروا معه ودس إليهم طغرل بالمواعيد فارتاب المسترشد ببعضهم واطلع على كتاب طغرل إليه وقبض عليه ونهب ماله فلحق الباقون بالسلطان وبعث فيهم المسترشد فمنعهم السلطان فحدثت بينهم الوحشة لذلك وبعث السلطان إلى الخليفة يلزمه المسير معه وبيناهما على ذلك إذ جاءه الخبر بوفاة طغرل في المحرم من سنة تسع وعشرين فسار السلطان مسعود إلى همذان وأقبلت إليه العساكر فاستولى عليها وأطاعه أهل البلاد واستوزر شرف الدين أنوشروان خالدا وكان قد سار معه بأهله.